تلخيص لمساق قادة/قائدات التغيير في المدن المختلطة| الفوج 7 | 2023-2024
مساق المدن المختلطة بالأرقام
أقيم في الفترة ما بين تشرين الأول 2023 وآذار 2024 الفوج السابع من مساق قادة/قائدات التغيير في المدن المختلطة. هذه السنة، أقمنا المساق بالتعاون مع جمعية سيكوي-أفق. أنهى المساق بنجاح 19 مشارِكًا/مشارِكة، من بينهم 8 فلسطينيات وفلسطينيّين و11 يهوديًا/يهوديّة، 17 امرأة ورجُلان. أتى المشاركون من مجالات التربية والتعليم، النشاطيّة والفنون، وهم يقيمون ويعملون في مدن مختلفة، مثل يافا، الرملة، القدس، حيفا، رهط، نهريا وواحة السلام. أقمنا بالمجمل 11 لقاءً، مدّة كل لقاء 6 ساعات، ومن بينها نهاية أسبوع مركّزة لـ 3 أيام. تضمّن المساق 85 ساعة تعليميّة.
كسائر مساقات “قادة/قائدات التغيير” في مدرسة السلام، فإنّ مساق المدن المختلطة مكوّن أيضًا من 3 محاور تعلّميّة موازية: حوار (أحادي القوميّة وثنائيّ القوميّة)، اكتساب المعرفة (بواسطة محاضرات يلقيها 13 خبيرًا مهنيًا من الحقل و 3 جولات تعليميّة) وبناء مشاريع. أقيمت في المساق 3 جولات تعليميّة- جولة في يافا، بإرشاد خلود أبو أحمد، خريجة الفوج السادس من هذا المساق، الثانية في النقب وساهمت في بنائها إحدى مشاركات المساق المقيمة في المنطقة والثالثة في قرية واحة السلام، وقد نظّمها بالكامل 3 مشاركون/ات في المساق من سكان واحة السلام. في نهاية المساق، تطرّقت إحدى المشاركات إلى موضوع الجولات، وقالت: “الجولات كانت بقيادة المشارِكات، وهذا يدلّ على أنّنا ناشطات. أنا أقدّر هذا المساق الذي يتيح لنا المجال للقيادة.”

من الجولة التي قام بها المشاركون.ات في واحة السلام، اذار 2024
__
قادة/ قائدات المساق
إبراهيم إغباريّة – موجّه مشارك, مدرسة السلام
عامل اجتماعيّ. يتمتّع بخبرة تزيد عن عشرين سنة في مجالات العلاج والإرشاد وإرشاد المجموعات. عمل سنينًا طويلة في إرشاد مجموعات الحوار في مدرسة السلام. خرّيج البرنامج لإرشاد مجموعة الصراع. خرّيج مساق قادة التغيير في المدن المشتركة وأرشد الفوج الأخير في هذا المساق.
موران برير – موجّهة مشاركه, مدرسة السلام
مُرشدة مجموعات، مُرافِقة لعمليّات إنتاج جماعيّة، تنشر فيديوهات وتُعنى بالخيال السياسيّ. تعمل في مجال النشاطية والصلة بين النشاطية والتعليم والإعلام. خرّيجة البرنامج لإرشاد مجموعة الصراع، ومُركِّزة الإعلام في مدرسة السلام.
ياعيل فدرمان – شريكة في بلورة وتطوير المساق ومرافقة مبادرات سياساتيّة, سيكوي-أفق
مركّزة الحيز العام المشترك في جمعية سيكوي-أفق. حاصلة على اللقب الأول في الجغرافيا والتطوير البيئيّ وعلم النفس من جامعة بن غوريون في النقب، وعلى اللقب الثاني في سياسات التخطيط البيئيّ من جامعة رادبود في هولندا. عملت في السنوات الأخيرة في أساف- جمعية مساعدة اللاجئين وطالبي اللجوء، كمخططة حضريّة-جماهيريّة في الدائرة الجماهيريّة “ليـڤ هعير” في القدس وفي منظمات أخرى في المجتمع المدني.
__
كيف يمكن تطوير مساق في بداية حرب؟
“لقد أصبح ذلك مكانًا آمنًا وسط الأهوال التي تحدث حولنا”، أ. مشارك يهوديّ.
“منذ اللقاء السابق، نجحت في احتواء ألمي كيهوديّة، وهو ما لم أتمكّن من فعله في السابق. في السابق، كنت أخاف من مشاعري، لأنّني أعلم أنّ ألمي سيُستغل بشكل انتهازيّ وسياسيّ. اللقاء ساعدني على التحرّر من ذلك.” أ.مشارِكة يهوديّة.
العمل على المساق بدأ في حزيران 2023، حيث أنشأ تعاون مع سيكوي-أفق، بناء المنهج وإجراء التحضيرات اللازمة استعدادًا للفوج الجديد. بدأنا باستقطاب المجموعة في شهر آب 2023، أقمنا مقابلات مع المرشّحين/ات في شهر أيلول وبداية شهر تشرين الأول، وفي نهاية الأسبوع الأول من شهرين تشرين الأول 2023، انتهينا من بناء مجموعة متنوّعة ومثيرة للاهتمام ضمّت 24 مشارِكَا/مشارِكة. المساق كان يجب أن يُفتتح في 13.10، مع نهاية أسبوع مركّزة امتدت على يومين (الجمعة والسبت) لافتتاح المساق والتعارف في واحة السلام.
وفي السابع من أكتوبر، وقعت الأحداث المروّعة وانقلبت الأمور رأسًا على عقب.
في الأيام الأولى من الحرب، عمّت الفوضى، ولم نكن متأكّدين مِمّا إذا كانت المشاركات سيرغبن في بدء المساق. قرّرنا إلغاء اللقاء الأول، وبدلًا من ذلك، أجرينا محادثات شخصيّة مع جميع المشاركين/المشاركات لنطمئن على أحوال الجميع. فوجئنا وسعدنا برغبة الغالبية العظمى منهم في المشاركة في المساق، كالمخطّط. شعرنا أيضًا بأنّهم يحتاجون ويترقّبون ذلك، خاصة بسبب الحرب، وذلك لعدم وجود أماكن أخرى تتيح المجال للالتقاء والتحاور، ولأنّ الأحداث الحاصلة صعبة جدًا وهناك حاجة لتحليل الوضع القائم وتعزيز الشراكة. بنظرة للوراء، يمكننا القول بحذر إنّ الحرب والصعوبات السياسيّة والعاطفيّة دفعت البعض منهن للمشاركة في المساق. لحظنا مثلًا نسبة غياب متدنية جدًا، قياسًا بسائر مساقاتنا.
وهكذا بدأنا المساق بلقاء أحادي القوميّة عن بعد في 27.10. القرار بإقامة لقاء أحاديّ القوميّة نبع عن عدم معرفة المشاركين والمشاركات ببعضهم البعض، ونحن أيضًا لم نكن نعرف المجموعة، وبالتالي، أردنا التصرّف بمسؤوليّة وقيادة اللقاء تزامنًا مع بناء الثقة والإصغاء بحذر. القرار بإقامة اللقاء عن بعد نبع عن سقوط قذائف عديدة في مختلف أنحاء البلاد في تلك الفترة، والسفر لم يكن آمنًا. الهدف من وراء اللقاء كان إجراء تعارف أوليّ في لقاءات أحادية القوميّة وإتاحة المجال للجميع للتعبير عن موقع كل واحد وواحدة منهم وسط حالة الفوضى العامّة.
في العاشر من تشرين الثاني، أقيم أوّل لقاء وجاهيّ ثنائيّ القوميّة، وكان مصحوبًا بمزيج من المشاعر المختلفة. من ناحية، كانت هناك أجواء احتفاليّة لخوض سيرورة مشتركة. من ناحية أخرى، فإنّ مشاعر الصدمة والخوف لدى جميع المشاركين، اليهود والفلسطينيّين، كانت أوليّة وقويّة للغاية، مما شكّل عائقًا أمام أيّ إمكانية للاحتفال والفرح. أثناء الحوار أيضًا، فإنّ الصدّمة التي عايشها الجميع كانت حاضِرة، ومع ذلك كانت هناك رغبة ومحاولة لبناء الثقة ووضع الأسس اللازمة لإدارة حوار حقيقيّ وصادق، إلى جانب طرح أسئلة عميقة وثاقبة على الطرف الآخر بخصوص مواقف الجميع تجاه الأحداث، والتي كانت مصحوبة بمشاعر الغضب، الخذلان، الخوف والمعارضة.
لاحقًا، وبالإضافة إلى التغييرات الرسميّة في الجدول الزمنيّ، خلقت الحرب الحاجة لتغيير بعض مواضيع اللقاء وترتيبها من حيث الأولويّة. وقد أجرينا فعلًا الملاءمات اللازمة بما يتماشى مع الظروف الراهنة. قرّرنا مثلًا دعوة مدير عام جمعيّة عدالة، حسن جبارين، لإلقاء المحاضرة الأول حول تقييد حريّة التعبير أثناء الحرب، وفداء شحادة، عضو المجلس البلديّ في اللد سابقًا، حول آثار الحرب على المجتمع الفلسطينيّ (انظروا لاحقًا المعلومات الموسّعة عن المحاضرات في المساق).

لقاء ثنائي القومي الاول، نوفمبر 2023
__
الحوار خلال الحرب
“عندما أحاول أن أتذكّر لماذا أتيت إلى المساق… لا أذكر إطلاقًا من كنتُ قبل الحرب. مررت بصدمة، أنا واعية للظلم المُمارس، ولكن يصعب عليّ أن أفهم ما يمكنني أن أفعل في هذا الشأن. خلال اللقاءات، تلقيت أجوبة عن أسئلة عديدة، وفهمت أنّه بالإمكان تحقيق شيء ذي معنى وسط هذا الألم العميق.” أ. مشاركة يهوديّة
“بالنسبة لي، لم تكن هذه النهاية، إنّما بداية شيء آخر. فجأةً، أصبحت مهتمًا بالحوار والمواجهة الصريحة، ولم أكن أشعر بأهمية ذلك في السابق. ظاهريًا، الفجوات القائمة لا تنعكس في الحوار، لا نسمع الطرفين، وكأنّنا نستسلم مسبقًا ولا نبادر للحديث. ولكن هنا، خصّصنا حيّزًا للموضوع ، وتوقّفنا عنده.” ي. مشارِكة فلسطينيّة.
“كان المساق بالنسبة لي نافذة لرؤية الواقع كما هو بالفعل.” ن. مشارِكة يهوديّة
الموافقة على خوض سيرورة ثنائيّة القوميّة في أوج الحرب، وهي ربّما الأكثر دمويّة ووحشيّة بين الطرفين، هي أمر صعب وغير مفهوم ضمنًا. وبالفعل، فقد أبدى المشاركون/المشاركات شجاعة والتزامًا رائعين بموافقتهم على حضور كل لقاء. حضورهم الجسديّ والمعنويّ ساهم في إثراء السيرورة الشخصيّة والجماعيّة لتصبح أعمق وأكثر تأثيرًا. قياسًا بمساقات أخرى، أعطيَ حيّز أكبر للمشاعر الصعبة مثل اليأس، التشكيك، الخوف، الحداد الغضب والحزن الشديد. ويبدو حقًا أنّ هذا الإطار أتاح المجال للتعبير عن الذات، الأمر الذي ساهم في تعزيز الإصغاء وبناء الثقة، التعارف المعمّق بين الأطراف، التغيّر في الوعي الذاتيّ لدى كل واحد وواحدة والتقدّم في مسار النشاطية. فيما يلي بعض المواضيع التي طُرحت في اللقاءات الحواريّة:
أوّل لقائين كانا عبارة عن استكشاف أوليّ، وفي بعض الأحيان، كان أكثر صراحةً وأقلّ اعتدالًا من الاستكشافات الأوليّة في مساقات أخرى، غالبًا بسبب تأثير الحرب. كانت لدى الطرفين الجرأة، وربّما الحاجة أيضًا، “للقفز في الماء” واستيضاح مواقف الآخر في ظل الأحداث الراهنة. مع ذلك، تمكّنت المجموعة من احتواء تصريحات صعبة ومركّبة لإتاحة المجال للتعبير والإصغاء، وأحيانًا أخذ خطوة للوراء عندما شعروا بأنّه هناك حاجة لإبطاء الوتيرة أو العودة إلى قاعدة بناء الثقة. تدريجيًا، أصبح الحوار أقل حديّة وأكثر تركيبًا بخصوص موقع كل واحد وواحدة منهم بخصوص الهويات والمجتمع. بالإضافة إلى ذلك، طُرح السؤال حول الأصوات الغائبة عن الغرفة من كِلا المجتمعين- كيف نتعامل مع الأصوات المتطرّفة؟ هل يجب إحضارها إلى الغرفة لأنّها جزء من المجتمع، أم إبقاؤها في الخرج لنتمكّن من خلق الحيّز المنشود؟ سؤال إضافيّ طُرحَ في مرحلة سابقة ورافقَ الحوار طيلة الوقت هو سؤال الشراكة: ما الذي يأتي أولًا- النشاطيّة أم الشراكة؟ استوضح المشاركون مواقف بعضهم البعض بخصوص الشراكة والانطلاق نحو نشاط مشترك أو منفصل.
خلال الحوار، طُرح سؤال اللغة الاصطلاحيّة، وإلى ماذا ترمز في السرديتين المختلفتين. بلغة حربيّة، وُضعت وسط الغرفة بضع “قنابل” بهدف مناقشتها. طُرح سؤال حول حماس كمنظّمة تسعى للتحرير، شرعيّة عملياتها، بالإضافة إلى مصطلحات أخرى مثل مجتمع مشترك، مخرّب وإرهاب. طُرحت أسئلة حول الجهة التي تعرّف هذه المصطحات، وما هي الفرضيّات الأساسيّة لدى كل طرف عند استخدامه مصطلحًا معيّنا أو آخر، ولكنّ اللغة تحافظ على علاقة القوة القائمة وإمكانية تغييرها بواسطة تغيير اللغة الاصطلاحيّة. تمّ أيضًا تناول موضوع الجندر، الرجال مقابل النساء. وهنا، طُرح السؤال- على ماذا تدلّ النسبة بين الرجل والنساء في الغرفة (رجلان، 17 امرأة) بخصوص الواقع خارج جدران الغرفة؟ أشار المشاركون إلى أنّه في إحدى المحاضرات، سمعوا أنّ الرجال أكثر تورّطًا في الجريمة والقتل، وفي الغرفة، نرى أنّ النساء أكثر تداخلًا في منظّمات التغيير.
في أحد لقاءات الحوار أحادي القوميّة للمشاركين اليهود، تطرّقت المجموعة بعمق إلى آليات المحو والطمس، كيف تنعكس في حياتهم وما هي مسؤوليتهم العمليّة تجاه القصة التي طُمست وأخفيت عنهم. ألقيت أيضًا نظرة على المستقبل- كيف يمكننا أن نبني الآن قصة جديدة لا تمحو الآخر، بل توسّع من نطاق القصّة.
اللقاء الفلسطينيّ أحاديّ القوميّة أتاح المجال للتعبير عن الحزن والمشاركة بمشاعر العنف، لأنّه في أماكن أخرى، يحظر عليهن التعبير عن هذا الحزن. كانت هناك حاجة ماسّة للمشاركة والتحدّث، وساد الشعور بأنّ هذه المجموعة فقط قادرة على فهم مشاعرهم. برزت حالة من الإحباط الشديد من الوضع الاقتصاديّ والشعور بالعجز عن تغيير الواقع بسبب حجم الصدمة، وبسبب عاصفة المشاعر المقترنة بالحرب في غزّة وكلّ ما يحدث هناك. اللقاء الفلسطينيّ أحاديّ القوميّة كان انعكاسًا لمدى القمع والترهيب الذي تمارسه الشرطة والتنكيل بالفلسطينيّين في إسرائيل في كل ما يتعلّق بحرية التعبير. شكّلت اللقاءات منبرًا مريحًا، قائمًا على الثقة التي تتيح المجال للتعبير بشكل حرّ ليس عن المشاعر فحسب، إنّما أيضًا عن المواقف حيال ما يحدث في الخارج، ومدى التماهي مع الصدمة الوطنيّة في الماضي والحاضر.
في أعقاب الجولة في حيفا، حدث شيء مثير للاهتمام، وبرز اختلاف كبير في اهتمامات كلّ مجموعة: اهتمت المجموعة الفلسطينيّة بالهوية الفلسطينيّة وإمكانية ممارستها في الحيّز الحيفاويّ، قياسًا بأماكن أخرى تُطمس فيها الهوية الفلسطينيّة. بالمقابل، اهتمّت المجموعة اليهوديّة بموضوع العلاقة بين اليهود والفلسطينييّن: ما طبيعة التعايش في حيفا- هل هو سطحيّ أم عميق؟ هل يشكّل نموذجَا يحتذى به؟ هل من الحتميّ أن يكون هناك صراع لكيّ تتحقّق الشراكة؟ وغير ذلك.
باقتراب نهاية السيرورة، أثير من جديد موضوع الشراكة. برز داخل المجموعة اختلاف في اتجاه الحركة- فقد تحرّك البعض من اتجاه الإيمان الشديد بأحاديّة القوميّة نحو التقرّب والشراكة، بينما انتقل آخرون من الإيمان الشديد بالشراكة نحو موقع التشكيك في صدق هذه الشراكة والشعور بأنّها تضرّرت كثيرًا، وبأّنّه ليست ملائمة في السياق الحاليّ. نعتبر هذا المكان، والذي يجرؤ على طرح تساؤلات والتحدّث بعمق عن الأسئلة الصعبة- حيزًا يحمل في طياته أمل التغيير وتحقيق شيء جديد ومختلف. السيرورة الجماعيّة كانت مهمّة من هذه الناحية، فقط دفعت الناس للتجنّد على المستوى الشخصيّ لتغيير الوعي.
__
مبادرات المشاركين والمشاركات
التواصل بين المشاركين خلال المساق كان مميّزًا وعميقًا، نشأت علاقات صداقة وارتباط فكريّ وشراكة في النشاط، وما زالت مستمرة إلى يومنا هذا. كان من الواضح أيضًا أنّ المشاركات طوّرن علاقتهن بمدرسة السلام- 7 مشاركات في المساق حضرن مؤتمر الخرّيجين والخرّيجات الذي عُقد في شهر أيار، وتطوّعت إحداهن للمساعدة في المؤتمر. حضرت المشاركات أيضًا مساقات وأنشطة أخرى في مدرسة السلام- شاركت اثنتان في دورة توجيه المجموعات التي بدأت في شهر حزيران، و 3 مشاركات انتقلن إلى دورة الترجمة الفوريّة التي بدأت تزامنًا مع مساق المدن المختلطة.
اثنتان من المشاركات اللتان التقيتا في المساق، وتسكنان في نفس المدينة، بدأتا تلتقيان للتبادل اللغويّ بالعبرية والعربية، وما زالت لقاءاتهما مستمرة حتى الآن.
بادرت إحدى المشاركات في بداية المساق، وبفضله، حسب أقوالها، لمشروع لقاءات شبابيّة لمعرفة الواقع من منظور نقديّ، وحمل المشروع اسم “لنلتقِ”. كانت المجموعة مفتوحة، أي أنّه بالإمكان الانضمام في أيّ وقت، وكل لقاء هو لقاء مستقلّ وقائم بحدّ ذاته. استضاف كلّ لقاء محاضرًا من مجال مختلف حول مواضيع مختلفة، مثل مَدخل للاحتلال، موضوع الإسكان في يافا وموضوع المواطنة في القدس الشرقيّة. أقيمت أيضًا عدّة جولات تعليميّة، إحداها إلى قرية لفتة المهجّرة، حيث سمعوا عن التاريخ الفلسطينيّ للمكان وعن نكبة 1948. أقيمت اللقاءات مرّة واحدة في الشهر، بين تشرين الثاني 2023 وأيار 2024.
عرضت مشارِكتان المشاريع التي تعملان عليها في أحد مجالس مؤتمر الخرّيجين والخرّيجات:
عرضت عينات بتسلئيل “مجتمع فنانين متعدّد الثقافات للفنون الأدائيّة” – برنامج إقامة متنقّل. إنّه برنامج خاص، ينفّذ بالتعاون مع عدة أطر ثقافيّة محليّة. الهدف الرئيسيّ من وراء برنامج الإقامة هو خلق حيّز للحوار متعدّد الثقافات، إلى جانب الأبحاث الفنيّة الشخصيّة والجماعيّة، ليثمر عنها نشاط ثقافيّ-تعدّديّ مشترك يساهم في المجال الفنيّ الموسّع، ضمن السياق المحليّ-الجغرافيّ-التاريخيّ. ينشط الفنانون والفنانات في مختلف مجالات الفنون الأدائيّة، مثل: الرقص، المسرح، الفنون المرئيّة، السينما، العروض الأدائيّة، الغناء، الموسيقى وغير ذلك.
عرضت إيناس أوسروف أبو سيف مشروعها Will Return الذي نفّذ بالتعاون مع نوعا سومر كوهن، وهي مشارِكة أخرى في المساق. يبحث المشروع في ملكية منازل في يافا قبل عام 1948، بعد المصادقة على البحث والتوثيق، صنعتا ألواحًا من السيراميك تتضمن تفاصيل المنازل- مثل اسم العائلة التي سكنت هناك، أسماء أفراد العائلة وتاريخ تهجيرهم.

إيناس تقدم عرضاً في مؤتمر الخريجين.ات، حزيران 2024
بدأ خلال المساق تنفيذ مشاريع إضافيّة، وهي حاليًا في مختلف مراحل التطوير. البعض منها سيشارك في هاكاثون تطوير المشاريع الذي تقترحه مدرسة السلام لخرّيجيها في أيلول 2024.
يمكننا عامةً رؤية العديد من خرّيجي وخرّيجات المساق اللواتي اندمجن في مساعي ومبادرات تحقيق العدالة في مختلف الميادين- في مظاهرات مناهضة للحرب، في منظّمات المجتمع المدنيّ مثل ريعوت-صداقة، نقف معًا والهيئة الإعلاميّة القارئة السياسية (بوليتيكالي كوريت). وفي الميادين التي نشطوا فيها سابقًا- فإنّ تأهيلهم كولاء تغيير حمل معه محتوى وأدوات جديدة ساهمت في إثراء عملهم السابق.
__
المحاضَرات التي ألقاها المحاضِرون والمحاضِرات
انطوت الحرب على تحديات جديدة في كلّ ما يتعلّق بالعلاقات بين اليهود والفلسطينيّين في الحيّز، وأخذنا على عاتقنا مسؤوليّة تشخيص ورصد هذه النزعات، خوض سيرورة تعلّم من الخبراء والخبيرات والتفكير في استراتيجيات التعامل مع هذه التحديات. وعليه، قمنا بملاءمة مضامين مساق قادة وقائدات التغيير في المدن المختلطة للأوضاع الراهنة. في نفس الوقت، تعلّمنا نحن أيضًا، كمنظّمة، عن آثار الحرب على حيّزنا وعن ردود فعلنا المحتملة. فيما يلي معلومات مفصّلة عن بعض المحاضرات التي ألقيناها في إطار المساق.
المحاضرة الأولى في المساق كانت لحسن جبارين، مدير عام مركز عدالة لحقوق الأقليّة الفلسطينيّة في إسرائيل، عن تقييد حريّة التعبير أثناء الحرب. تطرّقت المحاضرة إلى نزعة الملاحقة الممنهجة من قبل مؤسّسات الدولة تجاه المواطنين الفلسطينيين في إسرائيل منذ بداية الحرب، ابتداءً من الطالب، مرورًا بالمحاضرين والأخصائيّين المهنيّين المختلفين وصولًا إلى شخصيات عامّة. تنعكس هذه النزعة في الاعتقالات، التُهم الباطلة، عدم الإنصاف في الإجراءات والفصل من العمل والدراسة. لمزيد من المعلومات عن محاضرة حسن.
ألقيت محاضرة أخرى لعوفر دغان، المدير العام المشترك لسيكوي-أفق، والذي عرض تحليلًا للسياسة الاقتصاديّة الإسرائيليّة طويلة الأجل منذ قيام الدولة، والتي وُضعت بموجبها ممارسات تمييزيّة، خلقت فجوات اجتماعيّة وأدّت إلى تدهور خدمات الصحة والرفاه الاجتماعيّ للفلسطينيّين مواطني الدولة. تناولت المحاضرة أيضًا الجهود التي بذلت في السنوات الماضية، سعيًا للتأثير على السياسات بغية تغيير الوضع الحاليّ. لمزيد من المعلومات عن محاضرة عوفر.
تناولت المحاضرة الثالثة لعمر الغباري، مدير قسم الحيّز والعودة في جمعية ذاكرات، قصّة نشوء “المدن المختلطة” من منظور النكبة. وضّح عمر كيف أنّ هذه المدن، والتي كانت مدنًا فلسطينيّة مزدهرة تحوّلت عنوةً إلى مدن مختلطة، هي في الواقع نِتاج تطهير عرقيّ وحشيّ، يرافقها صدمات لم يتمّ حتى الآن الاعتراف بها ومعالجتها. لهذه السبب، نشهد حاليًا تفشّي آفة العنف في هذه الأماكن، كما حدث في أحداث أيار 2021. لمزيد من المعلومات عن محاضرة عمر.

محاضرة عوفر دجان، ديسمبر 2023

محاضرة عمر الغابري , ديسمبر 2023

من محاضرة عمر الغابري
محاضرات إضافيّة في إطار المساق:
فداء شحادة، من جمعية “نساء ضد السلاح”، والتي تحدّثت عن السلاح والجريمة في المجتمع العربيّ في ظلّ الحرب؛ آية زيناتي، ناشطة نسويّة، مرّرت ورشة عمل عن تطوير المبادرات والأدوت لبناء مشاريع؛ بروفسور دانييل مونتريسكو، عالم أنثروبولوجيا وباحث في موضوع المدن المختلطة في إسرائيل، والذي استعرض حالة يافا، وتطرّق إلى حالات مدن مختلطة في العالم؛ أقمنا مجلسًا اطّلعنا فيه على نبذة عن الأنشطة الميدانيّة من أجل النهوض بالحياة المشتركة في المدن المختلطة، وشارك فيه ثلاثة متحدّثين: القيّمة في مجال الثقافة، فاليريا غيسيليف، عبد أبو شحادة، عضو المجلس البلديّ في تل أبيب وناشط يافاويّ قديم في مجال ارتقاء الأحياء والإسكان، ونتالي ليفي، باحثة في مجال التعليم ثنائيّ اللغة. أقيمت أيضًا ورشة خيال سياسيّ مرّرتها موران برير، موجّهة المساق ، والتي تهدف إلى تمرين عضلة الخيال الجمعيّ وبلورة رؤية مستقبليّة مشتركة، واضحة ومنشودة.
__
تلخيص
قبل بدء المساق بفترة وجيزة، مررنا جميعًا بصدمة مروعة في أعقاب مذبحة السابع من أكتوبر وحرب الإبادة الوحشيّة على غزة، التي ما تزال دائرة حتى لحظة كتابة هذه السطور، ونهايتها لا تلوح في الأفق. وفي هذا السياق، لم نتمكّن من إطلاق الفوج السابق من مساق قادة وقائدات التغيير في المدن المختلطة فحسب، بل تمكّنا أيضًا من اختتامه بنجاح. اعتمدنا في المؤسّسة المرونة اللازمة وأجرينا التعديلات المطلوبة، على ضوء الواقع المقيّد، وخاض مشارِكونا/مشارِكاتنا سيرورة عميقة، اكتسبوا الأدوات اللازم لفهم الواقع والتعامل معه، وانطلقوا نحو تنفيذ أنشطة مؤثّرة في الحقل.
رأينا أيضَا كيف تؤثّر الأحداث السياسيّة على علاقة المشاركين/ة بالهيئات البلديّة. في الأوضاع التي تتراجع فيها الثقة بالدولة وجميع مؤسّساتها، فإنّ النشطاء/الناشطات في المدن المختلطة يفقدون الاهتمام، أو ربما القدرة أيضًا، على العمل في المؤسّسات الرسميّة. وجدنا أنّه هناك ما يدعو لتعزيز النشاطية خارج مؤسّسات الدولة، وخلق منبر بديل للعمل والتشبيك بين النشطاء/الناشطات. اكتشفنا أيضًا أنّه حتى في أصعب الفترات- هناك شركاء محتملون يمكننا العمل معهم. أشخاص لديهم الرغبة والإيمان والقدرة والالتزام بمتابعة النضال من أجل مستقبل أفضل، يشمل وضع حد للحرب والقمع، وإنشاء علاقات صحيّة بين الفلسطينيّين/الفلسطينيّات واليهود/اليهوديات. اكتشفنا أنّه إقامة هذه اللقاءات جديرة بالجهود التي بذلناها، على الرغم من الصعوبات الجمّة في الواقع الذي نعيشه، لأنّه من المهم إنشاء وترسيخ هذه الركيزة المتينة، من أجلنا نحن وخرّيجينا /خرّيجاتنا، والتي يمكننا الاستناد إليها في سعينا لتغيير الواقع، حتى في ظل الظروف الراهنة.
__
صور من الجولة في يافا
__
صور من الجولة في النقب
__