مؤتمر خريجو/خريجات مدرسة السلام الثاني | الحوار والنشاطية في أوج الأزمة | آذار 2023
مؤتمر الخريجين الثاني لمدرسة السلام انتهى قبل بضعة أسابيع، ولكنّ أصداؤه ما زالت تتردد في كل مكان.
تمر البلاد حاليًا في فترة مضطربة جدًا.
<< لمشاهدة فيديو ملخص للمؤتمر >>
تتواجد الكنيست حاليًا في أوج سباق التشريعات لاستكمال الإصلاح في الجهاز القضائي، بينما يملأ الشوارع مئات آلاف المواطنين اليهود في احتجاج غير مسبوق. مع أنّ الأمر أدى بنتنياهو إلى تأجيل حملة التشريعات، إلّا أنّه من الواضح أنّ ذلك لا يدلّ على حدوث تغيير حقيقي في هذا الشأن، والتجميد هو مؤقت فقط.
الدول الصديقة لإسرائيل، والتي اتخذت في السابق موقفًا حذرًا ومتحفظًا بخصوص النقد تجاه إسرائيل، تتخذ حاليًا موقفًا واضحًا ضد سياسات الحكومة وممثّليها.
في تلك الأثناء، يعاني المجتمع الفلسطيني، في مناطق الـ 48 والـ 67، من ضائقة أكبر بكثير في ظل هذه “الأزمة”. الجريمة آخذة في التفشي، يفتقر المواطنون للأمن والأمان في بلدانهم، عدد أوامر هدم المنازل أكبر من أي وقت مضى، الميزانيات والموارد شبه معدومة، وتهديدات التهجير والإخلاء مستمرة وقيد التنفيذ والاعتداءات الإسرائيلية في الضفة الغربية عديدة ومميتة.
بالإضافة إلى ذلك، يشعر العديد من اليهود بالغضب تجاه الفلسطينيين مواطني إسرائيل الذين لا ينضمون للاحتجاج ضد التشريعات. أما بالنسبة للفلسطينيين، يشعر عدد كبير منهم بالغضب تجاه اليهود الذين استيقظوا فجأة من سباتهم للاحتجاج على انعدام الديمقراطية، في حين أنّهم لم يقفوا إلى جانب الفلسطينيين في نضالاتهم العديد المستمرة ضد التمييز الذين لطالما عانوا منه في إسرائيل، مثل قانون القومية الذي صودق عليه عام في عام 2018.
يمكننا القول إنّنا نعيش جميعًا، اليهود/اليهوديات والفلسطينيون/الفلسطينيات، فترة يسودها التوتر، الخوف، التشكيك، الغضب، الحيرة واليأس.
في ظل واقع كهذا، ولمواجهة جميع هذه التحديات، اجتمع في واحة السلام، في يوميْ الجمعة والسبت الموافقين 17 و 18 آذار 2023، في مؤتمر مدرسة السلام، نحو 100 شخص من خريجي وخريجات مساقاتنا المختلفة، فلسطينيون ويهود. شارك الخريجون والخريجات على مدار يومين في حوار ثنائي القومية وأحادي القومية، محاضرات، وِرش عمل، ولقاءات لطرح الأسئلة، التفكير، مشاركة المعرفة والأفكار وتوطيد العلاقات.
إنّ تكريس يومين في نهاية الأسبوع والحضور إلى المؤتمر بدلًا من أخذ قسط من الراحة في المنزل- ليس أمرًا بديهيًا، وخاصة في فترة كهذه.
ماذا تضمّن المؤتمر إذًا؟
استضفنا في اللقاء الافتتاحي الاحتفالي د. نسرين حداد حاج يحيى، وهي من خريجي مدرسة السلام، حيث عرضت معطيات عن التمييز في المجتمع العربي في إسرائيل، وربطتها بالحِراك وعدمه، وبالنشاطية. تحدث في هذه الجلسة أيضًا أبراهام بورغ، حيث تطرق إلى أهمية الشراكة اليهودية-العربية في هذه الفترة على الساحة السياسية والمدنية، ووصف موضوع المؤتمر كمثلّث يجمع بين الأزمة، الحوار والنشاطية.
تطرّق روعي، مدير مدرسة السلام، إلى هذا المثلث أيضًا، ووضّح أنّ ما يميز حوارنا في مدرسة السلام هو أنّه حوار بين الهويات وليس بين الآراء. هدفنا ليس تغيير رأي الإنسان، بل التطور كأفراد وتعزيز تداخلنا، فهم الواقع بعمق والسعي للتأثير عليه، فهم أهمية العلاقات بين الفلسطينيين واليهود في سعيهم لتغيير الواقع.
الحوار في المجموعات الثابتة كان مؤثّرًا وشيقًا. خلال يومي المؤتمر، التقت المجموعات 4 مرات: 3 مرات في لقاء ثنائي القومي، ولقاء واحد أحادي القومية. كان ذلك أحد استنتاجاتنا من المؤتمر السابق، حيث لم نقم حوارًا متواصلًا طوال المؤتمر. هذه السنة، المؤتمر تضمن هذا الجانب الحواري، وحقق نجاحًا باهرًا.
خُصّص لكل مجموعة موضوع محدد مسبقًا. في بعض المجموعات، تمحور الحوار حول موضوع المجموعة، وفي مجموعات أخرى، تطور الحوار بشكل طبيعي وعفوي في اتجاهات أخرى. أحد المواضيع الذي تكرر في المجموعات كان الشراكة الفلسطينية-اليهودية في سياق الاحتجاج الحالي على الانقلاب القضائي، وما إذا كانت هذه الشراكة ممكنة. تحدثت مجموعة أخرى عن المكانة الخاصة لجيل الشباب في الشراكة وفي النضال من أجل المساواة والعدل، وفي أية مرحلة يتحمل جيل الشباب المسؤولية تجاه المستقبل، حتى إذا كان من الواضح أنّ المسؤولية إزاء الوضع الذي توصلنا إليه ملقاة على كاهل الأجيال السابقة. تطرقت إحدى المجموعات أيضًا إلى موضوع اللغة والترجمة- والذي طُرحَ كثيرًا في حواراتنا، وهو يعكس بوضوح علاقة القوة بين اليهود والفلسطينيين في الواقع، وكيف تؤثر على المجموعة أثناء الحوار. الترجمة الفورية أثناء الحوار واختيار لغة الحوار كانت جوهر الحوار، وطُرح التساؤل من يحدد كيفية إدارة الحوار، ومَن صاحب القوة. في جميع المجموعات، شارك الجميع بشكل صريح ومركّب بالمشاعر المختلفة بخصوص الحوار والواقع. بالإضافة إلى ذلك، كان هناك احتواء للمشاعر، بما في ذلك مشاعر الغضب المتبادلة.
أمسية اجتماعية مساء يوم الجمعة–عيدن، وهي من الخريجات الجدد لمساق “الحوار بين الهويات” في حَرَم جامعة تل أبيب، أطربتنا وأمتعتنا بغنائها الرائع والمؤثر، ونوعام شوستر إلياسي أضحكتنا في عرض ستانداب عن العلاقات اليهودية-الفلسطينية، عنّا نحن، عن واحة السلام وعن تجميد البويضات. ضحكنا كثيرًا، وكنا بحاجة للحس الفكاهي هذا للتخلّص من التوتر.
بدأنا اليوم الثاني في ورشة خيال سياسي. هدف ورشة العمل هذه هو بدء التدرّب على كيفية رؤية المستقبل، الغاية التي نصبو إليها والطريقة التي نختارها لتحقيق هذه الغاية، وذلك بواسطة التحرر من أكبال الواقع السياسي المُحبِط والعنيف الذي نعيشه، وهذا غير سهل إطلاقًا! خيالنا أشبه بعضلة تعمل بطريقة معينة، كما تعلمنا منذ صغِرنا. التدرب على رسم صورة المستقبل المنشودة هو أمر مركّب جدًا، ويزداد الأمر تعقيدًا في الحوار ثنائي القومية. في ورشة العمل، قمنا بتدريب خيالنا بشكل أحادي القومية، وفي المجموعتين، كانت هناك مشاركات مهمة ومثيرة للاهتمام.
في نهاية المؤتمر، أقيم حفل الإعلان عن الفائزين/ات بمنح مدرسة السلام عن مشاريع طورها خريجونا وخريجاتنا لتغيير الواقع. فازت بجائزة المشروع الاستثنائي على اسم د. نافا زوننشطاين ياسمين شبيطة، خريجة مساق المخططين/ات وعضوة منتدى المخططين/ات في مدرسة السلام بالتعاون مع المركز العربي للتخطيط البديل، عن مشروعها Placemaking في الطيرة. فاز بالجائزة أيضًا ثلاثة مشاريع إضافية. فاز نضال علي ناصر من مساق العدالة البيئية والمناخية عن مشروع “إعادة تدوير مخلّفات البناء” في المدارس. فازت أيضًا بالمنحة عينات وايزمان عن مشروع “דוגמה 48” – وهو مشروع فني متعدد المجالات يستند إلى مستندات أرشيفية، وتمار ياروم عن فيلم وثائقي تعمل على إنتاجه، والذي يتتبع تطور وأنشطة حركة “دولتان، وطن واحد” والتي تطرح فكرة الكونفدرالية إسرائيل-فلسطين.
خلال اليومين، شعرنا بالآخرين في المجموعة، وشعرنا بالانتماء للمجموعة. لم يكن الأمر سهلًا طوال الوقت، أو كما يقول يشماعئيل، أحد خريجينا: “نحن لا نأتي إلى مدرسة السلام لنستمتع بوقتنا… نحن نحرص على مواجهة الواقع المؤلم والدامي بشكل مباشر وصريح. نؤمن بأنّه لا توجد طريقة أخرى للإصلاح ومداواة الشرخ. لا يمكننا التوصل إلى هذا الإصلاح بسرعة، ولكن يجب وضع الحقيقة على الطاولة واحتواء مشاعر الجميع، هذا هو البديل الذي نريد طرحه للعالم. ليس الشراكة فقط، بل شراكة ترفض إخراس وإلغاء علاقة القوة غير المتكافئة. سنتابع التساؤل كيف يمكننا إقامة شراكة فلسطينية-يهودية متساوية، في واقع سياسي يمنح اليهود امتيازات ويسلب الفلسطينيين حقوقهم.
تشكّل مدرسة السلام حلقة وصل بين جميع خريجينا، لنتيح المجال للجميع للالتقاء، التحدث عن الواقع بصراحة ووضوح، الإصغاء إلى بعضنا بعضًا وتوضيح المواقف، توطيد العلاقات والسعي لتغيير الواقع، خطوة تلو الأخرى.
نتقدم بجزيل الشكر لجميع أفراد مجتمعنا المحليّ، لكل من خصص من وقته الثمين وحضر إلى لقائنا هذا للتعلم والتطور.
شكر خاص لكل من دعم البرنامج وساهم في تنفيذه على أفضل نحو ممكن.
نحن هنا من أجلكم/ن، نحن هنا معكم/ن.
طاقم مدرسة السلام
صور من المؤتمر
لمشاهدة فيديو ملخص للمؤتمر
لمشاهدة الجلسات في المؤتمر
برنامج المؤتمر
كل المعلومات عن المؤتمر