مُلخص دورة الصراع اليهودي – العربي من منظار النظرية والممارسة 4 – 2023
دورة في إطار مساق اللقب الأول في قسم علم النفس، جامعة تل أبيب، مُقدَمة من قبل مدرسة السلام في نافي شالوم
موجّهَتا الدورة: نافا زوننشاين وعبير حلبي
تُقام هذه الدورة منذ 34 عاما في جامعة تل أبيب. هذا العام، إثر الحرب، خشينا ألا يلتحق الطلاب بالدورة وأن يكون الحوار أصعب من المعتاد. ولدهشتنا، تسجل 7 طلاب يهود و9 طلاب فلسطينيين. وكانت المحاضرة المسؤولة هي بروفسور ياعراه يشورون ديشون من قسم علم النفس بينما أدارت الدورة كل من عبير حلبي والدكتورة نافا سونينشاين.
بعد مرحلة التعارف وملاءمة التوقعات وطرح المخاوف، أعرب الطلاب والطالبات الفلسطينيون والفلسطينيات عن خوفهم من أن يقوم مشاركون بنقل أشياء تُقال ضمن الدورة خارجها مما قد يؤدي إلى توريطهم بمشاكل. أبرمنا اتفاقيةً غير مكتوبة، والتي بموجبها تم التعهد بأن ما يقال في الغرفة يظل داخل جدران الغرفة. طُرحت خلال الدورة مواضيع صعبة مثل أحداث 7 أكتوبر. تحدثت إحدى المشاركات اليهوديات عن أقارب لها تعرضوا للإصابة في غلاف غزة. أعرب طلاب وطالبات فلسطينيون أعربوا عن اشمئزازهم من الفظائع التي ارتُكبت. تحدثت بعض المشاركات الفلسطينيات عن المدنيين الذين قُتلوا في غزة. قال أحد المشاركين اليهود إنه يعتقد أن الخدمة العسكرية في غزة هي عمل غير أخلاقي وأنه من المهم أن نقول ذلك. قالو آخرون إنّ هذا كان رد فعل طبيعي على أحداث السابع من أكتوبر. تناولت المجموعة قضايا مؤلمة أخرى مثل النكبة والنكبة المستمرة، الخدمة في الجيش، قضايا تتعلق بالهوية، وقضايا تتعلق بنزوح اليهود ونزوح الفلسطينيين. كانت هناك نقاط خلافية، ولكن على امتداد الدورة كانت هناك قدرة عالية من جانب المشاركين اليهود والفلسطينيين على الاصغاء واحتواء الطرف الآخر، كما أعرب كل طرفٍ عن تعاطفه مع آلام الطرف الآخر.
أجرينا، قُبيل نهاية الدورة، محاكاة لمحادثات تناولت تصورات المشاركين فيما يتعلق بطبيعة الدولة التي يريدونها وبما يجب القيام به من خطوات إثر التصالح بين الشعبين، عندما يتحقق ذلك. وكان هناك توافق كبير فيما يخص هذا الجزء.
قال جميع المشاركون بالدورة أشياء مؤثرة جدًا خلال الحوار الختامي، سنأتي هنا على ذكر القليل منها فقط، والتي تُشير إلى الحوار الصادق والحقيقي الذي دار بينهم.
مُشارِكة يهودية: أستطيع القول إنني من الجانب المعرفي تعلمت أشياء كثيرة لم أكن أعرفها. حظيت بمعلومات جديدة جعلتني أعيد تشكيل آرائي من جديد. شعوريًا، كان الأمر صعباً للغاية بالنسبة لي، فقد شعرت بالقلق خاصة في اللقاءات الأربعة الأولى. في اللقاء الأخير (المحاكاة) تحدثنا عن عيد الاستقلال. لم يخطر ببالي من قبل أن الفلسطينيين لديهم مشكلة فيما يخص هذا الأمر. خشيت من أن أجرح مشاعر أحد.
مُشارك يهودي: استمتعت عمومًا بالدورة، لأنني تعرفت شخصيًا على طلاب فلسطينيين، ولم يتسن لي ذلك من قبل، واكتشفت أننا جميعًا بشر في النهاية. تلك اللقاءات ضمن الدورة تركت أثرًا كبيرًا في نفسي أكثر من أي فيديو على موقع يوتيوب أو أي مقال في صحيفة، آرائي باتت مُعتدلة. أصبحت الآن أفهم التعقيدات الموجودة بشكل أفضل.
مُشاركة فلسطينية: أشعر بأنني لو لم أشارك في هذه الدورة لانتابني يأس يفوق ما أشعر به من يأس بألف مرة. هنا يمكننا التحدث، شعرت على امتداد أيام الدورة أنني إن لم أحضر، فلن يكون لدي من أتحدث معه. الآن بات يمكنني القول بفخر أكبر إنني فلسطينية، لأنني وجدت مكانًا أعبر فيه عن هويتي. شعرت بأنّ هناك من يتفهم تجاربي وما مررت به. شاركت الكثير من الأشياء الشخصية، ولم أعمل على تصوير الأمور بشكل رومانسي – قلت ما أريد قوله بصراحة. تحدثت عن أشياء عاشها شعبي، عاشتها جدتي. ونتيجة لهذا فإنّ الدورة سهّلت عليّ الأمر أيضًا حيث كان من الهيّن عليّ أن أقول أشياء أُحس وأشعر بها. بالنسبة لنا نحن الفلسطينيين، من الطبيعي أن يكون الوضع غير طبيعي، لكن اليهود لا يعرفون أن الأمر كذلك. التقيت هنا بالأشخاص الذين يقفون خلف السلاح. فوجئت جدًا بحقيقة أنّ اليهود أيضًا يعانون من حالات قلق وصدمات، وأنهم لا يعيشون حياة مُترفة فقط. شعرت بالأسى لأنهم يعيشون ذلك الشعور. مؤلم جدًا أن الجميع هنا يعانون من صعوبات نفسية. محزن جدًا أن الدورة شارفت على الانتهاء ومحزن أيضًا التفكير بمسألة متى سيحدث التغيير على أرض الواقع.
مُشارِكة فلسطينية: شعوري هو خليط بين الحلو والمر. تسجلت للالتحاق بالدورة قبل الحرب واعتقدت أن الأمر لن يكون سهلاً. حتى قبل الحرب، لم يكن الوضع جيدًا، لذلك كنت أتخيل أن يكون هناك صراخ وأشياء صعبة. بالنهاية أشعر بأنّه سادت أجواء من الإصغاء والتفهم. فهمت أيضًا أمورًا تتعلق بالطرف الآخر وفهمت حالنا نحن الفلسطينيون بشكل أفضل. شعرت أننا نفتقر إلى وحدة ما في المجموعة الفلسطينية. جئت لأستمع لأناس لا يشبهونني كثيرًا. جئت لأتعرف على الفجوات. عبّرت عن هويتي بشكل أكثر. لن أقول إنه يسعدني احتمال أن يكون هناك واقع مختلف. دخلت الدورة وأنا أشعر بيأس وخرجت منها بيأس من نوع آخر. يأسي الأول هو كفلسطينية مقابل اليهود. اليوم أشعر أنه يمكن لليهود والفلسطينيين أن يكونوا معًا ضد أولئك الذين لا يريدون السلام.
مُشارك يهودي: كانت الدورة مهمّة جدًا بالنسبة لي. لأول مرة تتاح لي الفرصة لأن أتحدث مع فلسطينيين حول الصراع. سبق لي أن حاورتُ يهودًا حول الصراع، ولكن هنا الأمر كان أكثر حدة. أشكر أولئك الذين تحدثوا وشاركوا مرارًا وتكرارًا مع تقدم الدورة. كنت من قبل منفتحًا لكني كنت أفتقر للحقيقة. ساعدتني هذه الدورة على فهم الواقع بشكل أفضل. لم أكن أعرف شيئًا عن النكبة قبل الدورة. يختلف الفلسطينيون كثيرًا عن بعضهم البعض، لكن النكبة شيء يتعامل معه الجميع على أنه شيء مشترك بينهم جميعًا. لم أكن أعرف هذا. إن الحديث عن الاحتلال دون الرجوع إلى مسألة النكبة هو حديث منقوص. أريد أن أشكر الفلسطينيين على الصدق الذي أبدوه خلال هذه الدورة.