استشارة وتوجيه في وقت الحرب
نحن نعيش في أوقات مأساوية لحرب صعبة ومتوسعة. الصدمة تلحق بنا جميعًا بعد الأفعال الرهيبة التي ارتكبها حماس والرد القاتل والمدمر الذي تقوم به إسرائيل في قطاع غزة. بالإضافة إلى ذلك، تُستخدم الحرب كذريعة لتنفيذ مزيد من الفظائع، حيث يتزايد العنف من قبل المستوطنين اليهود، الذين يدعمهم الجيش، في الضفة الغربية. كما أن الفلسطينيين.ات في اسرائيل وحتى اليهود الذين يقدمون بدائل غير عنيفة يتم تكميم أفواههم ويُطارَدون بشكل صعب من سابق. دائرة العنف والإرهاب والانتقام تمزق الروح. في ظل ضغوط وعدم اليقين من هذا النوع، الصمت هو رد فعل طبيعي وفعلاً معظم الناس يفضلون الصمت. ولكن التحدث يعني التفكير، وعندما يتم تكتيمنا – يتم تكتيم التفكير الذاتي لدينا. في فترات كارثية كهذه من المهم أن نفكر معًا.
_
دورنا ومسؤوليتنا في مدرسة السلام في هذه اللحظة التاريخية الحرجة يتمركز حول تمكين التفكير والحوار الصادق، المعقد، والصعب. فقط من خلال ذلك يمكننا أن نعرف ألم بعضنا البعض ونواصل العيش معًا هنا باحترام. في جو من التحريض الشديد، وتجاهل الإنسانية، ورؤية “الآخر” كعدو، نحن نعمل لرؤية الآخر كإنسان. على الرغم من أننا قد نكون مجرد قطرة واحدة في بحر عاصف، إلا أننا نستمر في السعي إلى مجتمع عادل وديمقراطي، باستخدام الأدوات التي وضعناها على مر السنين.
_
بداخل كل التحديات، والخوف، والاسكات، وتعقيدات الوضع، توجوا الينا 13 منظمة، مؤسسات تعليم، ومستشفيات للحصول على استشارات ومساعدة للفرق المختلطة (فلسطينيين.يات ويهود.يات) في كيفية التعامل مع هذه الفترة الصعبة وتخفيف التوتر داخل الطاقم. بالإضافة إلى ذلك، عُقِدَت لقاءات حوار لموجهين.ات مدرسة السلام وأيضًا ل5- منتديات خريجين.ات لمدرسة السلام. في المجموع، قمنا بتنظيم حوالي 70 لقائا شارك فيهم في المتوسط حوالي 10 مشاركين ومشاركات.
_
المساعدة الأولية التي نقدمها للمنظمات التي تتوجه إلينا تتم من خلال مكالمات هاتفية، حيث نساعد الشخص المتصل في فهم بعمق الصعوبات والتعقيدات التي يعيشها الشعبان خلال هذه الفترة. عادةً ما يشعر اليهود في الطاقم بنقص الثقة في الفلسطينيين.ات، ويحققون في ارائهم بهدف تقسيم الخريطة بشكل ثنائي إلى جيدين وأشرار (מדרך לאקדמיה: כלים להתמודדות עם אתגרים בזמנים מתוחים). في الحالات الأسوأ، يلجأ أفراد من الطاقم اليهودي إلى الجهات الرسمية لمطاردة الفلسطينيين.ات في الطاقم بهدف استعادة السيطرة على الواقع، على عكس الشعور بالتخلي الذي كان موجودًا في بداية هجوم حماس على غلاف غزة وجميع مواطني الدولة. الطاقم الفلسطيني يشعر بالمطاردة، والاسكات، والتمييز، والعزلة في وسط الحرب وفي الطاقم، ويعتبر ألمهم على شعبهم في غزة غير مشروع، والتعبير عنه يعتبر خيانة.
_
بعد شرح الصورة المعقدة التي يتم نقلها إلى الجهة المتصلة، نشجعهم على محاولة إيجاد مساحة لتشريع جميع الأحاسيس وإعطائها شرعية، مع الحفاظ على الاحترام والأمان وتقدير التعقيدات لتخفيف التوتر الحالي. نقترح عدة لقاءات تدخل تتضمن حوارًا ومحاضراتٍ. أهداف هذه اللقاءات متنوعة, بين تفكيك الأحاسيس الشخصية في سياق الحرب الحديثة وأيضًا ربطها بالعلاقات داخل الطاقم المختلط ومكان العمل، مع التفكير في نموذج يحتوي على جميع الآراء المتنوعة والحفاظ على العلاقات بين أعضاء الطاقم. بديل آخر إلى جانب الاستشارة وإرشاد الحوار من قبل موجهي.ات مدرسة السلام هو استشارة لمديري الطاقم حول كيفية دمج كل هذا في اجتماعات الطاقم واجتماعاتهم الشخصية مع متابعة مستمرة معهم.
_
في الشهر الماضي، تواصل الهيئة الأكاديمية للهندسة المدنية في جامعة بن غوريون معنا للحصول على استشارة. قدمنا ورشة عمل “تحضير للعودة إلى الدراسة” للهيئة الأكاديمية، شملت المشاركة في المشاعر والتجارب الشخصية بخصوص الوضع الحالي، ولقاء حوار حول كيفية التعامل داخل صف دراسي متنوع الهويات ومحاضرة عن تجربة طالب.ة فلسطيني.ة في الحرم الجامعي الإسرائيلي. من خلال حوار المحاضرين والمحاضرات، شاركوا أفكارهم حول كيفية التعامل مع التعبير أو النقاش السياسي داخل الفصل وكيفية الحفاظ على عدم التأثير السلبي على باقي الطلاب. المشاركين.ات في هذا النقاش قدموا آراء وأفكار متنوعة تتنوع بين رفض التحدث عامًا حتى الحديث الحر في الفصل وتأثير كل اختيار على مساحة التعلم. من خلال هذا النقاش، أبرز للمحاضرون.ات أهمية الاستماع واستخدام تجربتهم الشخصية (USE OF SELF)، حيث هذه التجربة تمثل مشاعر بعض الطلاب في الفصل، وبفعل الحوار تعرضوا لمزيد من الآراء والأفكار التي يمكن أن تعطيهم تجربة مذاقٍ مختلفة من تجارب ومشاعر الطلاب الآخرين، مما يؤدي إلى التعامل بشكل أكثر حساسية.
_
نحن الآن في قلب حدث تاريخي يقود النزاع الفلسطيني-الإسرائيلي إلى مرحلة جديدة، وربما أكثر قسوة وصعوبة. ويظهر أن علاقات القوة من خارج المجتمعات تتسرب إلى داخل مجموعات الحوار. من خلال اللقاءات يمكن رؤية حذر وخوف وتجنب المشاركة، وفي بعض الأحيان حتى معارضة هجومية تتجلى في عنف لفظي تجاه الموجهين.ات. ومع ذلك، هناك أيضًا العديد من المشاركين.ات، خاصةً من تلك الفئات الأقل قوة، الذين يقدرون ويشاركون أن هذا الحيز يحميهم في هذه الفترة الصعبة، ويمنحهم امكانية لمشاركة آرائهم وأفكارهم التي يرغبون في تعزيزها خاصة في هذه الفترة.
_
_