يوم تعلّميّ الجماعيّ عن موضوع: التطبيع، مناهضة التطبيع وارتباطهما بعملنا التربويّ
خلفية: سلسلة لقاءات للتعلّم الجماعيّ: متى البداية، ولماذا
مع بداية الحرب في تشرين الأول 2023، ومع استمرار أهوالها، تتضح أكثر فأكثر الحاجة لتحديد وملاءمة أدوات العمل المستخدمة لدينا في مدرسة السلام، بما يتماشى مع واقعنا الحاليّ. من المهم أن نفهم دورنا في هذه الفترة على أفضل نحو ممكن من أجل تسخير خبرتنا ومواردنا لإنهاء الحرب، إنهاء الاحتلال والعنف والقمع وإنشاء مجتمع عادل ومتساوٍ.
على ضوء ذلك، أطلقنا سلسلة أيام تعلّميّة لطاقمنا التربويّ. باعتبارنا مؤسّسة تدير نشاطًا تربويًّا-سياسيًّا، فإنّ الحوار لدينا هو الأداة المركزيّة في عملنا من أجل تغيير الوعي الفرديّ والجماعيّ، الذي يشجّع على خلق تغيير في الواقع. المجموعات الحواريّة ومساقات وكلاء.وكيلات التغيير هي جوهر عملنا، وطاقم الموجّهين والموجّهات هم عمليَا قادة وقادات مجموعاتنا. السلسلة مكوّنة من أيام تعلّميّة منفصلة بصيغة مماثلة، يتمحور كلّ منها حول موضوع مختلف، وهي الآن بصيغة محاضرة يلقيها خبير.ة حول الموضوع، يليها حوار داخليّ حول السؤال الرئيسيّ “ما العلاقة بين كل ما تعلّمنا وبين نشاطنا التربويّ، وماذا نستنتج من ذلك؟”.
الهدف من وراء هذه الأيام التعلّميّة مزدوج. أولًا، نؤمن بأنّه بواسطة المعرفة والحوارات، يمكننا أن نفهم على نحو أفضل الواقع الذي نتعامل معه، والعمل من منطلق واع وحكيم، كأفراد وكمؤسّسة. ثانيًا، اللقاء بين طاقم الموجّهين.ات يعزّز المرونة التنظيميّة– فنحن في حيّز يجمع بيننا اجتماعيًّا وجماهيريًا من ناحية، ومن ناحية أخرى، يمكّننا مع التعامل بشكل تعاونيّ مع قضايا مركّبة- سياسيَا ومهنيًّا- في الواقع الذي نعيشه. هذه الأطر، التي يدور فيها حوار سياسيّ-تربويّ جريء، عميق، منفتح وآمن- باتت نادرة جدًا في هذه الفترة التي تزداد فيها مساعي إخراس الأصوات تحت رعاية الحرب، وهي مهمّة للتطوّر المهنيّ الصحيح والمرتبط بالواقع.
المنطلقات – لماذا اخترنا هذا الموضوع؟ ما هي المعرفة والنواتج التي نريد استخلاصها؟
في اللقاء الثالث في السلسلة، اخترنا التركيز على موضوع “التطبيع، مناهضة التطبيع وارتباطهما بعملنا التربويّ”. مدرسة السلام هي مؤسّسة يرتكز عملها على مبدأ ثنائيّة-القوميّة. المؤسّسة مكوّنة من طاقم مختلط يضمّ فلسطينيّين.فلسطينيّات ويهود.يهوديّات، ويقود مساقات ومجموعات نصفها من اليهود.اليهوديّات والنصف الآخر من الفلسطينيّين.الفلسطينيّات، وتتبّنى نهج الحوار القائم على الاعتراف بالمجموعتين القوميتين، كوسيلة لمناقشة الواقع وفهمه. نظرًا لطبيعة مؤسّستنا هذه، فإنّ موضوع التطبيع هو تحدٍ نواجهه طيلة الوقت بأشكال مختلفة– عند استقطاب المشاركين.المشاركات للمجموعات، في الحوار داخل المجموعات، في مؤتمراتنا وحتى في عملنا اليوميّ في المكتب. مع ذلك، لم نُجرِ منذ فترة طويلة حوارًا يتمحور حول هذه القضية فقط، بغية التعمّق فيها من حيث المعرفة والأدوات اللازمة للتعامل معها.
عندما نتحدّث عن التطبيع في سياق عملنا التربويّ، فنحن نتطرّق إلى مسألة تطبيع الاحتلال، القمع، الفوقيّة اليهوديّة وعلاقة القوة غير المتساوية، وكيفية رفض هذا التطبيع. نحاول الإجابة عن السؤال التالي- هل يسهم عملنا المشترك كفلسطينيّين.فلسطينيّات ويهود.يهوديّات في تغيير الواقع، أم أنّه يسهم، عن دون قصد، في الحفاظ عليه؟ هل قد يسهم حوارنا، عن دون قصد، في تطبيع علاقة القوة غير المتساوية؟ من يحدّد معايير هذا التطبيع؟ ووفقًا لماذا تتغيّر؟ هل تغيّرت المعايير في أعقاب الحرب، وكيف؟ هل يمكننا رغم ذلك مناهضة التطبيع في عملنا التربويّ القائم على اللقاءات، الحوار والنشاطيّة المبادِرة؟ وإذا كان كذلك، كيف يحدث ذلك؟ كيف يسهم العمل التربويّ في فترة الحرب في النضال من أجل التحرير؟
هذه جميعها أسئلة جوهريّة لعملنا، ولا يمكن الإجابة عن جميعها في لقاء واحد. هدفنا هو التشجيع على تعزيز الوعي وإدارة حوار داخليّ بيننا نحن أعضاء طاقم المؤسّسة. وكما نسعى لتعزيز وعي المشاركين.المشاركات في المجموعات التي نوجّهها، علينا نحن أيضًا أن نكون متيقظين.ات طوال الوقت بشأن المسائل التي لا ندركها بالشكل الكافي والقضايا التي يرتكز عليها عملنا، وذلك ليبقى نشاطنا محدّدًا ومرتبطًا بالواقع.
ماذا تضمّنت المحاضرة
ألقى المحاضرة علي مواسي- وهو باحث في مجال الثقافة، ناشط وشاعر يعمل في مركز الأبحاث- مدى الكرمل. يحمل علي مواسي في جعبته خبرة غنية جدًا في الأنشطة ثنائيّة القوميّة وفي الأبحاث حول هذا المجال. استعرض في المحاضرة مراجعة عامّة، مع أمثلة لمعضلات من المجال، عن تطوّر مفهوم التطبيع، من هم اللاعبون في هذا المجال، ما هي الأدوار المختلفة للإسرائيليّين، الفلسطينيّين والمجتمع الدوليّ في مناهضة التطبيع، وما علاقة كلّ ذلك بحركة المقاطعة.
ماذا تضمّن الحوار؟
عدنا في الحوار إلى القضايا الجوهريّة التي تشغلنا كموجّهي.موجّهات مجموعات ثنائيّة القوميّة. أين يقع في عملنا الحدّ الذي قد يجعلنا نسهم في التطبيع عن دون قصد؟ كيف نناهض التطبيع في عملنا؟ هل يعتبر العمل التربويّ شكلَا من أشكال المقاومة؟ هل هو جزء من النضال من أجل التحرير؟ باعتبارنا مجموعة موجّهي.موجّهات متمرسة، ناشطة في المجال منذ سنوات طويلة، تجرأنا على تناول مواضيع حساسة. كان الحوار حميمًا ومنفتحًا من ناحية، ومهنيًّا وتأمليًّا من ناحية أخرى. كانت هناك صعوبة في التحدّث عن التخوّف من الاحتمال أنّ عملنا يشجّع على التطبيع، عن دون قصد، دون أن نقول أولًا، وبأشكال مختلفة، أنّ عملنا مهم جدًا من وجهة نظرنا. وبالفعل، أكّد عدد كبير من الموجّهات.ين أنّ العمل الذي نقوم به مهم وذو أثر إيجابيّ في العالم. بعد قول هذه الأمور وتوضيحها، كان بإمكاننا العودة للتساؤلات حول طبيعة عملنا.
إحدى المعضلات التي طُرحت في الحوار، وكثيرًا ما تُطرح في عملنا أيضًا- إلى أيّ حد نتحدث مع وإلى “المقتنعين.ات؟ إلى أيّ حد “نُغربل” أو نرغب في أن “نغربل” مسبقًا المشاركين في مجموعاتنا؟ بكلمات أخرى، على ضوء فترة الحرب المروعة والدامية، هل نريد العمل من البداية فقط مع أشخاص ذوي وعي أكبر للصراع، بجميع تعقيداته، ولِما يحدث الآن على أرض الواقع؟ أم أنّه يمكننا اختيار التحدث مع أشخاص متشبّثين بسردية واحدة ووحيدة بعيدة حاليًّا، وتتباعد أكثر فأكثر، عن رؤيتنا السياسيّة للعدالة، التحرير والسلام؟ أين تمرّ الحدود وكيف نتعامل مع هذه الحدود الدقيقة؟
كان الحوار غنيًّا ومثريًا، وخرجنا منه جميعًا مع نقاط للتفكير، مع قدر أكبر من الوعي للموضوع ومع وجهات نظر أوسع تجاهه. في هذه الفترة المضطربة والصعبة، حيث يتسع الشرخ بين اليهود والفلسطينيّين أكثر من أي وقت مضى، تزداد أهمية هذا الموضوع في عملنا اليوميّ. في أعقاب المحاضرة، وبفضل الأدوات التي اكتسبناها، علينا أن نكون أكثر وضوحًا وعمقًا لنتمكّن من العمل مع جميع شرائح الشعب الفلسطينيّ.
–